الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)
.شمس الدين محمد الكلي: هو الحكيم الأجل الأوحد العالم أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن، كان والده أندلسيًّا من أهل المغرب، وأتى إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي رحمه اللَّه، ونشأ الحكيم شمس الدين محمد بدمشق، وقرأ صناعة الطب على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه اللّه، ولازمه حق الملازمة، وأتقن عليه حفظ ما ينبغي أن يحفظ من الكتب الأوائل التي يحفظها المشتغلون في الطب، وبالغ الحكيم شمس الدين في ذلك حتى حفظ أيضًا الكتاب الأول من القانون، وهو الكليات جميعها، حفظًا متقنًا لا مزيد عليه، واستقصى فهم معانيه، ولذلك قيل له الكلي، وقرأ أيضًا كثيرًا من الكتب العلمية، وباشر أعمال الصناعة الطبية، وهو جيد الفهم، غزير العلم، لا يخلي وقتًا من الاشتغال، ولا يخل بالعلم في حال من الأحوال، حسن المحاضرة، مليح المحاورة، وخدم بصناعة الطب الملك الأشرف موسى بن الملك العادل بدمشق، ولم يزل في خدمته إلى أن توفي الملك الأشرف رحمه اللَّه، ثم خدم بعد ذلك في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي رحمه اللَّه وبقي مدة وهو يتردد إليه ويعالج المرضى فيه..موفق الدين عبد السلام: لقد جمع الصناعة الطبية، والعلوم الحكمية، والأخلاق الحميدة والآراء السديدة والفضائل التامة والفواضل العامة، أصله من بلد حماة وأقام بدمشق واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي وعلى غيره، وتميز في صناعة الطب، ثم سافر إلى حلب وتزيد في العلم، وخدم الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي صاحب حلب، وأقام عنده، ولم يزل في خدمته إلى أن تملك الملك الناصر يوسف بن محمد دمشق فأتى في صحبته، وكان معتمدًا عليه، كثير الإحسان إليه، وقلت هذه القصيدة أتشوق فيها إلى دمشق وأصفها وأمدحه بها:ولما قصد التردد إلى دمشق وسمع بذلك أهلها، توجه الحكيم موفق الدين إلى مصر، وأقام بها مدة، ثم خدم بعد ذلك الملك المنصور صاحب حماة، وأقام عنده بحماة، وله منه الإحسان الكثير، والفضل الغزير، والآلاء الجزيلة، والمنزلة الجليلة. .موفق الدين المنفاخ: هو الحكيم العالم الأوحد أبو الفضل أسعد بن حلوان، أصله من المزة، واشتغل بصناعة الطب وتمهر فيها وتميز في أعمالها، وخدم الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب في الشرق وبقي في خدمته سنين وانفصل عنه، وكانت وفاته في حماة سنة اثنتين وأربعين وستمائة..نجم الدين بن المنفاخ: هو الحكيم الأجل العالم الفاضل أبو العباس أحمد بن أبي الفضل أسعد بن حلوان، ويعرف بابن العالمة لأن أمه كانت عالمة دمشق، وتعرف ببنت دهين اللوز، ونجم الدين مولده بدمشق في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وكان أسمر اللون نحيف البدن حاد الذهن مفرط الذكاء فصيح اللسان كثير البراعة، لا يجاريه أحد في البحث ولا يلحقه في الجدل، واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بصناعة الطب حتى أتقنها، وكان متميزًا في العلوم الحكمية، قويًّا في علم المنطق، مليح التصنيف، جيد التأليف، وكان فاضلًا في العلوم الأدبية، ويترسل ويشعر، وله معرفة بالعود، حسن الخط، وخدم بصناعة الطب الملك المسعود صاحب آمد، وحظي عنده واستوزره، ثم بعد ذلك نقم عليه وأخذ جميع موجوده، وأتى إلى دمشق وأقام بها، واشتغل عليه جماعة بصناعة الطب، وكان متميزًا في الدولة وكتب إليه الصاحب جمال الدين بن مطروح في جواب كتاب منه:وكان نجم الدين رحمه اللَّه لحدة مزاجه قليل الاحتمال والمداراة، وكان جماعة يحسدونه لفضله ويقصدونه بالأذية وأنشدني يومًا متمثلاً: وفي آخر عمره خدم الملك الأشرف ابن الملك المنصور صاحب حمص بتل باشر، وأقام عنده مديدة يسيرة، وتوفي رحمه اللَّه في ثالث عشر ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وحكى لي أخوه لأمه القاضي شهاب الدين بن العالمة أنه توفي مسموماً.ولنجم الدين بن المنفاخ من الكتب كتاب التدقيق في الجمع والتفريق، ذكر فيه الأمراض وما تتشابه فيه، والتفرقة بين كل واحد منها وبين الآخر مما تشابه في أكثر الأمر، كتاب هتك الأستار في تمويه الدخوار تعاليق ما حصل له من التجارب وغيرها، وشرح أحاديث نبوية تتعلق بالطب، كتاب المهملات في كتاب الكليات، كتاب المدخل إلى الطب، كتاب العلل والأعراض، كتاب الإشارات المرشدة في الأدوية المفردة. .عز الدين بن السويدي: هو الحكيم الأجل الأوحد العالم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، من ولد سعد بن معاذ من الأوس مولده في سنة ستمائة بدمشق، ونشأ بها وهو علامة أوانه، وأوحد زمانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبوة عزيز الفتوة، وافر السخاء حافظ الإخاء، واشتغل بصناعة الطب حتى أتقنها إتقانًا لا مزيد عليه، ولم يصل أحد من أربابها إلى ما وصل إليه، قد حصل كلياتها، واشتمل على جزئياتها، واجتمع مع أفاضل الأطباء، ولازم أكابر الحكماء، وأخذ ما عندهم من الفوائد الطبية، والأسرار الحكمية، مثل شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي وغيره، وقرأ أيضًا في علم الأدب حتى بلغ فيه أعلى الرتب، وأتقن العربية وبرع في العلوم الأدبية، وشعره فهو الذي عجز عنه كل شاعر، وقصرت عنه الأوائل والأواخر، لما قد حواه من الألفاظ الفصيحة، والمعاني الصحيحة، والتجنيس الصنيع، والتطبيق البديع، فهو الجامع لأجناس العلوم، الحاوي لأنواع المنثور والمنظوم، وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر، وأحسنهم إنشاداً، ولقد رأيت منه في أوقات ينشد شعرًا على البديهة في معان مختلفة لا يقدر عليها أحد سواه، ولا يختص بهذا الفن إلا إياه.وكان أبوه رحمه اللَّه تاجرًا من السويداء بحوران، حسن الأخلاق طيب الأعراق لطيف المقال جميل الأفعال، وكان صديقًا لأبي وبينهما مودة أكيدة وصحبة حميدة، وكنت أنا وعز الدين أيضًا في المكتب عند الشيخ أبي بكر الصقلي رحمه اللّه، فالمودة بيننا من القدم باقية على طول الزمان، نامية في كل حين وأوان، والحكيم عز الدين من أجل الأطباء قدراً، وأفضلهم ذكراً، وأعرف مداواة، وألطف مداراة، وأنجع علاجاً، وأوضح منهاجاً، ولم يزل طبيبًا في البيمارستان النوري يحصل به للمرضى نهاية الأغراض في إزالة الأمراض، وأفضل المنحة في اجتلاب الصحة.وخدم أيضًا في البيمارستان بباب البريد، وتردد إلى قلعة دمشق، وكان مدرس الدخوارية، وكان له جامكية في هذه الأربع جهات، وكتب عز الدين بخطه كتبًا كثيرة جدًا في الطب وغيره فمنها خط منسوب طريقة ابن البواب، ومنهاخط يشابه مولد الكوفي، وكل واحد من خطيه فهو أبهى من الأنجم الزواهر، وأزهى من فاخر الجواهر، وأحسن من الرياض المونقة، وأنور من الشمس المشرقة، وحكى لي أنه كتب ثلاث نسخ من كتاب القانون لابن سينا، ولما كان في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وصل إلى دمشق تاجر من بلاد العجم، ومعه نسخة من شرح ابن أبي صادق لكتاب منافع الأعضاء لجالينوس، وهي صحيحة معقولة من خط المصنف، ولم يكن قبل ذلك منها نسخة في الشام فحملها أبي فكتب إليه عز الدين بن السويدي قصيدة مديحًا فمما على خاطري منها يقول:فبعث إليه الكتاب وهو في جزءين فنقل منه نسخة في الغاية من حسن الخط وجودة النقط والضبط، ومن شعره وهو مما أنشدني لنفسه، فمن ذلك قال فيما يعانيه ويعنيه من كلفة الخضاب بالكتم: وأنشدني لما ألفت هذا الكتاب في تاريخ المتطببين المعروف بكتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء: وقال أيضًا: ولعز الدين بن السويدي من الكتب كتاب الباهر في الجواهر، كتاب التذكرة الهادية والذخيرة الكافية في الطب. .عماد الدين الدنيسري: هو الحكيم العالم الأديب الأريب عماد الدين أبو عبد اللَّه محمد بن القاضي الخطيب تقي الدين عباس بن أحمد بن عبيد الربعي، ذو النفس الفاضلة، والمروءة الكاملة، والأريحية التامة، والعوارف العامة، والذكاء الوافر، والعلم الباهر، مولده بمدينة دنيسر في سنة خمس وستمائة، ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب اشتغالًا برع به فيها وحصل جمل معانيها، وحفظ الصحة حاصلة واستردها زائلة، وأول اجتماعي به كان بدمشق في شهر ذي القعدة سنة سبع وستين وستمائة، فوجدت له نفسًا حاتمية، وشنشنة أخزمية، وخلقًا ألطف من النسيم، ولفظًا أحلى من مزاج التسنيم، وأسمعني من نظمه الشعر البديع معناه، البعيد مرماه، الذي قد جمع أجناس التجنيس، وطبقات التطبيق النفيس، والألفاظ الفصيحة، والمعاني الصحيحة، فهو في علم الطب قد تميز على الأوائل والأواخر، وفي الأدب قد عجّز كل ناظم وناثر، هذا مع ما أنه في علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي سيد زمانه وأوحد أوانه، وسافر من دنيسر إلى الديار المصرية ثم رجع إلى الشام وأقام بدمشق، وخدم الآدر الناصرية اليوسفية بقلعة دمشق، ثم خدم في البيمارستان الكبير النوري بدمشق.ومن شعره وهو مما أنشدني لنفسه فمن ذلك قال:وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال من أبيات: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال في مليح اسمه عيسى: وقال: وقال أيضًا: ولعماد الدين الدنيسري من الكتب المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة، كتاب نظم الترياق الفاروق، كتاب في المثروديطوس، كتاب في تقدمة المعرفة لأبقراط، أرجوزة، كتاب ديوان شعر.
|